المادة 120 من نظام المعاملات المدنية السعودي
يمثل نظام المعاملات المدنية السعودي الجديد (الصادر وفق المرسوم الملكي رقم (م/191) وتاريخ 1444/11/29هـ) ركيزةً أساسية في تنظيم العلاقات المدنية والتجارية في المملكة، حيث جاءت مبادئه مستوحاة من أصول الفقه الإسلامي ومنفتحةً في ذات الوقت على مفاهيم القانون المدني المعاصر.
ومثالًا على ذلك المادة 120 من نظام المعاملات المدنية السعودي التي تمثل قاعدة جوهرية في تنظيم المسؤولية المدنية الناشئة عن أفعال الأفراد والجهات، بما يوفر إطارًا قانونيًا واضحًا وشاملًا ينظم الحقوق والالتزامات بين الأطراف، ويعزز من مبادئ الشفافية والعدالة القانونية في المجتمع.
في هذا المقال، نسلط الضوء على تحليل قانوني مفصل للمادة 120 من نظام المعاملات المدنية الجديد، مع تناول مفهوم التقادم كما ورد في النظام، إلى جانب دور هيئة الخبراء في صياغته، مع استعراض لأبرز أقسام النظام ومميزاته التشريعية التي جعلت منه نقلة نوعية في المنظومة القانونية السعودية.
المادة 120 من نظام المعاملات المدنية السعودي
جاءت المادة 120 من نظام المعاملات المدنية السعودي الجديد تنص على أن
“كل خطأ سبب ضررًا للغير يُلزم من ارتكبه بالتعويض “.
ولإلزام شخص ما بالتعويض عن الضرر لابد من توافر ثلاثة أركان مجتمعة:
أولًا: أخطاء تلزم التعويض في نظام المعاملات المدنية
يقصد به الإخلال بأحد الواجبات القانونية أو العرفية أو المهنية، أو الانحراف عن السلوك الطبيعي المألوف، ويشمل الخطأ ما يلي:
- الخطأ المادي : مثل الضرب أو التعدي أو الإتلاف.
- الخطأ السببي: مثل التقصير أو الإهمال، أو الامتناع عن اتخاذ الحيطة اللازمة.
أمثلة على ذلك:
- قيادة مركبة على الطريق العام بسرعة متهورة.
- نشر معلومات كاذبة تلحق الضرر بشخص آخر.
ثانيًا: الأضرار التي تلزم التعويض وفقًا لنظام المعاملات المدنية
يُقصد به الأذى الذي يصيب الأشخاص في المال، أو النفس، أو العرض، أو المكانة الاجتماعية، ويشمل الضرر ما يلي:
- الضرر المادي: تلف الممتلكات، أو الخسارة المالية.
- الضرر المعنوي: التشهير، أو الإهانة، او الألم النفسي.
وحتى يقع الضرر يشترط تحقق ما يلي:
- أن يكون الضرر مُحققًا أي وقع بالفعل.
- أن يكون الضرر مباشرًا أي نتج مباشرةً عن فعل الخطأ.
أن تكون الضرر شخصيًا أي أصاب المدعي نفسه.
اقرأ على موقعنا: هل يمكن استئناف الحكم النهائي؟
ثالثًا: العلاقة السببية
يقصد بها أن يكون الضرر نتيجة مباشرة للخطأ المرتكب، دون وجود أية أسباب خارجية أخرى تضعف الصلة ما بين الفعل والنتيجة، ومن الأمثلة على انعدام العلاقة السببية:
- حال وقوع الضرر بسبب قوة طبيعية قهرية مثل الزلازل أو الفيضانات.
- حال تدخل طرف ثالث تسبب في إحداث الضرر بشكل منفصل.
التعويض في نظام المعاملات المدنية السعودي الجديد
وفقًا للمادة 120 من نظام المعاملات المدنية والتي تشير إلى أنه بمجرد توافر الأركان الثلاثة الموضحة تنشأ المسؤولية المدنية ويصبح مرتكب الخطأ مُلزمًا بتعويض المتضرر سواء كان شخص طبيعي أو اعتباري (المؤسسات والجهات).
ويتخذ التعويض أحد الأشكال التالية:
- نقديًا: دفع مبلغ مالي عن الضرر أو الخسارة.
- عينيًا: إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر (إن كان ذلك ممكنًا) كـ إعادة بناء جدار مهدوم.
- معنويًا: يعود الأمر إلى تقدير القاضي لتحديد قيمة تعويض الضرر النفسي والأدبي.

أقسام نظام المعاملات المدنية الجديد
جاءت المادة 120 من نظام المعاملات المدنية السعودي الجديد ضمن مواده التي جاءت مفصلة في الأقسام التالية:
- الأحكام العامة: تتضمن المبادئ الأساسية المطبقة على كافة المعاملات المدنية، مثل سريان القانون، وحُسن النية في المعاملات، والتزام الأطراف ببنود العقود.
- الحقوق الشخصية: يشمل الحقوق الأساسية للأفراد مثل حق الحياة، والسلامة الجسدية، والكرامة، والحرية الشخصية، والحرية في اختيار المهنة والزواج والأسرة.
- المسؤولية المدنية: يتضمن أحكام المسؤولية، سواء التعاقدية أو التقصيرية، ويشمل التعويض عن الأضرار المادية أو المعنوية أو الجسدية.
- العقود: يتناول شروط صحة العقود وأركانها، وأحكام سريانها وتنفيذها، ويغطي مختلف أنواع العقود، كـ عقود البيع أو الإيجار والعقود التجارية.
يُضاف إلى هذا القسم أقسام تفصيلية أخرى تتعلق بمسائل قانونية متعددة، ويمكن معرفتها عبر الاطلاع على نص النظام كاملًا، أو الحصول على استشارة قانونية من مصدر قانوني معتمد.
نظام المعاملات المدنية هيئة الخبراء
إن هيئة الخبراء بمجلس الوزراء هي جهة حكومية متخصصة في المملكة العربية السعودية، تُسند إليها مهمة دراسة ومراجعة المعاملات ذات الطابع القانوني التي تتطلب إصدار مراسيم ملكية أو قرارات من الجهات العليا. وتُقدم الهيئة دعمًا فنيًّا للجهات الحكومية من خلال إعداد مشروعات الأنظمة واللوائح وإجراء الدراسات القانونية التي تضمن توافق هذه الأنظمة مع السياسات العامة للدولة.
ويتمثل دور هيئة الخبراء في المادة 120 من نظام المعاملات المدنية السعودي الجديد في تحليل ودراسة المعاملات القانونية، ومراجعة الأنظمة واللوائح المعمول بها، واقتراح التعديلات اللازمة لمواكبة التطورات التشريعية والإدارية.
وتسهم الهيئة بذلك في تعزيز كفاءة العمل الحكومي من خلال تنسيق السياسات بين الجهات، وصياغة الآراء النظامية حول الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تتطلب موافقة عليا.
وبذلك تكون هيئة الخبراء أحد الأعمدة التنظيمية في النظام القانوني السعودي، لما لها من دور فعال في ضمان الاتساق القانوني والتنظيمي، ودعم الحوكمة الرشيدة، وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
قد يهمك: المادة 121 من نظام الإجراءات الجزائية
نظام المعاملات المدنية وزارة العدل
تختص وزارة العدل السعودية بأداء دورًا محوريًا في تطبيق نظام المعاملات المدنية، من خلال توفير البنية التحتية القضائية والرقمية اللازمة، وتمكين المحاكم المدنية من تفسير وتنفيذ أحكام النظام في النزاعات المتعلقة بالعقود والمعاملات المالية، بما يشمل قضايا المطالبات المالية، العقود التجارية، والإخلال بالالتزامات التعاقدية، ومن أبرز الإجراءات القضائية المتخذة ما يلي:
- تسريع إجراءات التقاضي عبر تبني تقنيات رقمية متقدمة تتيح متابعة القضايا إلكترونيًا.
- توفير مراكز الصلح لتسوية النزاعات المدنية وديًا، مما يُخفف العبء عن المحاكم.
- إجراءات الرقابة التنفيذية ويقصد بذلك الإشراف على تنفيذ الأحكام المدنية كتحصيل الديون وتنفيذ العقود.
التقادم في نظام المعاملات المدنية
يشار إلى التقادم في نظام المعاملات المدنية السعودي بأنه أحد المبادئ القانونية الجوهرية التي تستهدف تحقيق التوازن بين حماية الحقوق واستقرار المعاملات. ويُقصد به الفترات الزمنية المحددة التي يجب خلالها رفع الدعوى للمطالبة بالحق، حيث يؤدي انقضاء هذه المدة دون اتخاذ إجراء قانوني إلى عدم سماع الدعوى، دون أن يعني ذلك بالضرورة انقضاء الحق في المطالبة بالحق.
ويسهم نظام التقادم في تعزيز اليقين القانوني ومنع استمرار النزاعات إلى أجل غير مسمى، كما يحفز أصحاب الحقوق على المطالبة بها خلال مدة زمنية مناسبة كذلك يُحقق فاعلية القضاء من خلال تقليل الدعاوى القضائية المتأخرة.
أنواع التقادم وفق النظام وأهميتها القانونية
حدد نظام المعاملات المدنية السعودي أنواع التقادم في عدد من المواد، مع بيان مددها القانونية بحسب طبيعة الحق، على النحو التالي:
- المادة 295 من النظام: تنس على أن الحق لا يسقط بالتقادم، غير أن الدعوى لا تُسمع بعد مرور عشر سنوات، ما لم ينص النظام على خلاف ذلك في حالات خاصة.
- المادة 296 في نظام المعاملات المدنية: تحدد مدة خمس سنوات لعدم سماع الدعوى المتعلقة بحقوق أصحاب المهن الحرة، كالأطباء والمحامين، وكذلك الحقوق الدورية المتجددة كـ الإيجارات أو الرواتب.
- المادة 297 من النظام نفسه: تنص على أن الدعاوى المرتبطة بحقوق ناشئة عن ممارسة الأعمال التجارية، مثل الأجور مقابل الخدمات، لا تُسمع بعد مرور سنة واحدة.
- المادة 298 في نظام المعاملات السعودي: تؤكد أن انقضاء المدد الزمنية المنصوص عليها في المادتين السابقتين (296 و297) يؤدي إلى عدم سماع الدعوى، حتى في حال استمرار العلاقة أو التعامل بين الأطراف.

مميزات نظام المعاملات المدنية الجديد
واستكمالًا للحديث عن المادة 120 من نظام المعاملات المدنية السعودي فإن النظام يمثل نقلة نوعية في تطوير البيئة القانونية والتنظيمية داخل المملكة، حيث يتميز بعدة خصائص تعزز من وضوح المعاملات وحماية الحقوق، ومن أبرز مزاياه:
- إرساء مفاهيم قانونية حديثة تتعلق بالمعاملات المدنية، مثل: المسؤولية العقدية، المسؤولية التقصيرية، والمسؤولية التضامنية، مما يعزز من دقة التكييف القانوني للالتزامات والنزاعات.
- حماية حقوق الملكية وتنظيمها بشمولية، ما يسهم في استقرار العلاقات التعاقدية ويعزز من الثقة القانونية بين الأطراف.
- تحديد الحقوق والالتزامات بوضوح من خلال نصوص قانونية دقيقة تنظم أحكام المعاملات المدنية، الأمر الذي يساعد على استقرار المراكز القانونية ويقلل من حالات النزاع.
- دعم بيئة الأعمال والاستثمار من خلال وجود نظام تشريعي موحد وشفاف يُلجأ إليه عند تسوية الخلافات، مما يحفز المستثمرين للدخول إلى سوق الأعمال السعودي.
هل اطلعت علي / حقوق الزوجة بعد الطلاق في السعودية وأهم 11 إجراء للمطالبة بحقوق الزوجة بعد الطلاق
نظام المعاملات المدنية Pdf
يُمكن الاطلاع على المادة 120 من نظام المعاملات المدنية السعودي عبر تحميل نظام المعاملات المدنية (من هنا).
وختامًا، فإن المادة 120 من نظام المعاملات المدنية السعودي الجديد جاءت لتكون حجر الأساس في نظام المسؤولية المدنية، وتضمن حماية الأفراد من الأفعال الضارة وتعويضهم عن الأضرار الناتجة عن أفعال الغير.
لذا من المهم أن يدرك كلًا من الأفراد والمؤسسات أن ارتكاب أي خطأ يُسبب ضرر سواء كان ماديًا أم معنويًا، بقصد أو دون قصد يترتب عليه التزامًا قانونيًا بالتعويض.
الأسئلة الشائعة
ما هي أنواع الضرر التي تستحق التعويض في نظام المعاملات المدنية السعودي؟
وفقًا للنظام ينقسم الضرر إلى:
ضرر مادي (تلف الممتلكات، أو التعرض للخسارة المالية)
ضرر معنوي (الضرر النفسي كالتشهير أو الإهانة).
ويُشترط في كافة الأحوال أن يكون الضرر قد وقع بشكل مباشر على المتضرر، وأن يوجد رابط سببيّ بين الفعل الضار والضرر الواقع عليه.
كيف يتم تقدير التعويض في نظام المعاملات المدنية السعودي؟
يتم تقدير الضرر بواسطة الهيئة القضائية المختصة، ويُحتسب وفقًا لطبيعة الضرر، وحجمه، وأثره على المتضرر، كما يُراعي فيه حالة المتضرر الاجتماعية والمادية.
هل يجوز التعويض عن ضرر لم يقع بعد؟
لا، لا يتم التعويض عن ضرر محتمل أو غير محقق بعد، إذ يشترط أن يكون الضرر واقعًا فعليًا ومثبتًا حتى يتم الحكم به.